لكل قيادي يبني وطنا ويصنع أثرا
أخر المقالات

إن هُو إلا وحْي يُوحى

أ/محمد الجلمود الغامدي (مهتم بالمبادئ والقيم)

0

                        

          قيادة وقيم            

  “إن هُو إلاّ وحي يُوحى”

 
  • نبينا الكريم المصطفى_صلى الله عليه وسلم _أوتي جوامع الكلام ،تخبرنا سيرته العطرة المباركة التي احتوت على كل ما من شأنه “تطوير الذات” والارتقاء بالانسان والمجتمع البشري،والعناية به روحياً،وفكرياً،وعقلياً،وبدنياً،وتربوياً،واجتماعياً،وأسرياً،وعاطففياً،وليس هناك نص في السنة النبوية على حد علمي المتواضع إلا وفيه إشارة إلي مفهوم مصطلح “تطوير الذات الإنسانية” إما الأمر بفعل شئ أو اجتنابه أو حثّ على فعل أو ترك أو توجيه أو إرشاد أو ترغيب أو ترهيب أو تعديل مسار أو تصحيح توجه إلى غير ذلك مما ينفع الإنسان ليكون عضواً صالحاً لنفسه ولمجتمعه وأمته، وهذا ما يرشدنا إليه ديننا الحنيف ،مما يعني أن نصوص السنه النبوية لا تهتم بجانب واحد فقط للتنمية ،بل تهتم ” بالتنمية الشاملة للإنسان ” من تنظيم شؤون حياته بأكملها ،وأعماله بالمبادرات الجادة والنافعة، ورسم الخطط الناجحة لتعامله مع الآخرين والأشياء من حوله، بل مع الكون برمّته وتمكينه من القيام بدوره فى إعمار الأرض والارتقاء بنفسه وبالمجتمع ، تلك النصوص فقط تحتاج إلى قراءة جادة ومتأملة بوعي كامل ،والوقوف عندها وعليها،والبحث الجاد فيها والتنقيب عن لآلئ ودُرر التوجيهات النبويَّة المتعلقة بالتنمية البشرية في سنته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
  • فالمتتبع لسيرة السلف ومن جاء بعدهم، وحتى يومنا هذا من الذين اتبعوا سيرة المعلم ، المدرب،المربي،الموجه،المخطط،القائد الأول للبشرية وصاحب الخلق الرفيع ،إنهم وصلوا فى تطوير ذواتهم والارتقاء بها إلى مستويات لم يسبقهم إليها أحد من أمم الأرض ،وما كان ذلك ليحدث لولا انضمامهم إلى مدرسة النبوة المفتوحة،واتبعوا منهجها،وسلكوا مسلكها،وساروا فى طريقها،وقد يسأل سائل، “كيـف” وصل هؤلاء القدوات الأفذاذ إلى هذا المستوى من الوعي بتطوير ذواتهم ؟وهو لم يقرؤوا فى كتب ” تطوير الذات ” الحديثه التي بها أرفف المكتبات ،وتعقد من أجلها المؤتمرات ،وتقام لها الدورات، ويتنافس الفلاسفة والعلماء والمفكرون في البحث عنها وفيها وتصاغ حولها الكثير من النظريات والفلسفات والأفكار.
  •  “تطوير الذات ” في السُّنـة النبوية سبقت جميع النظريات الحديثة في مجال التنميّة البشرية بقرون عديدة ، وما وصلت إليه تلك النظريات من بعض العلوم التي تدغدغ عواطف البعض ،وتثير اهتمامهم ،وتنال إعجابهم ،ماهي إلا قطرة فى بحر السيرة النبوية العطرة ، التي كانت ومازالت تحمل رسالتها الأولى ألا وهي “العناية الخاصة بالإستثمار فى العنصر البشري ” الذي مكنه الله وأعطاه القوة ليكون قادراً على إعمار الأرض ،وذلك بتطوير إمكاناته ،وقدراته في مختلف جوانب حياته لتحقق له النجاح الدنيوي والفلاح الأخروي،ولا عجب فى ذلك عندما يكون الأصل والمنطلق سنته صلى الله عليه وسلم الذي قال: ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه) وهنا أقول للإخوة المدربين فى التنمية البشرية : عليكم بالعودة إلي سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وإعداد “حقائبكـم التربويـة ” فى أي مجال كان وفقاً لذلك المنهج النبوي، ولا يساورني أدني شك أنكم سوف تُذهلون به الفئات المستهدفة من دوراتكم ،وخاصة المتمكن الذي يجيد الربط بين العلم الحديث وبين ما ورد فى السيرة الميسرة الملهِمة ،ومع ذلك تبقي ” الحكمة ضالة المؤمن أنّ وجدها فهو أحق بها ” فما أروع أن يجمع المدرب وغيره من المهتمين بالتنمية البشرية والتربية بين ما توصلت إليه النظريات الحديثة وبين سنة من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيُّ يوحى
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.