كاروشي وعرَبوشي

•  يقول باستور: “حينما أُضيّع ساعة عملٍ واحدة أشعر بأني ارتكبت سرقة بحق الإنسانية جمعاء”.
  ويقول المثل الإنجليزي: “من يعشق عمله سيجده أمتع من اللعب”.

•  في اليابان ظاهرة غريبة يسمونها كاروشي، وهي الانتحار بسبب الإفراط في العمل، بينما في المقابل تطالعنا بعض الإحصائيات عن معدل إنتاج الموظف في العالم العربي بأرقام محبطة -إن صحت هذه الإحصائيات-، ومن الدراسات التي حملت أرقاماً منخفضة جدا في الانتاجية، الدراسة التي أجراها اتحاد تنمية الموارد البشرية في مصر عام ٢٠١٣ م.

• إنها مفارقة عجيبة ظاهرة كاروشي وظاهرة عربوشي، موظفون ينتحرون بسبب الإفراط في العمل، وفئة من الموظفين ينظرون إلى أن مجرد توقيعهم في دفتر الحضور هو بمثابة أداء عمل يوم كامل.

• وهذا التناقض الطرفي أقرب إلى ما ذكره أهل الهند في المثل الذي يتداولونه “قليل من الإخلاص لُؤْمٌ خَطِر، وكثير من التفاني قد يُضحي مُمِيتاً حقاً”.

•  أحد الموظفين في مجال تكنولوجيا المعلومات في اليابان فسر أن الالتزام الصارم بالعمل هو قيمة لدينا حيث يقول: إن الوجود في العمل لساعات طويلة وعدم الخروج مبكراً سببه البحث عن الإنجاز، وعدم تأجيل الأعمال خوفاً من أن تنتقل أعمالي إلى كاهل موظف آخر فتثقل عليه.
  والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام كالتالي:
  • هل نحن بحاجة إلى تدريب الموظفين على القيم قبل تدريبهم على مهارات العمل المختلفة؟
  • وهل سيفيد اكتساب المهارة في ظل افتقاد القيمة؟
  • أين الخلل من منطلق قاعدة لا إفراط ولا تفريط؟
  • هل الاستمتاع بالعمل يجنبنا الوقوع في دائرة الكاروشي والعربوشي؟
  • هل هناك منطقة وسطى ومتوازنة بين الكاروشي والعربوشي؟

يقول صوت العقل: إن الضمير الحَيَّ وسادة ناعمة، وإحكام الضمير الحيّ هي منطقة من مناطق صناعة التوازن.
ويقول سبحانه وتعالى في محكم التنزيل (وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (سورة التوبة 105.