دردشـة قياديـة
رحم الله مدير المخازن
يُحكى أنه في زمننا هذا كان هنالك رجل حكيم يدعى السيد كاتب ، وقد عمل لعقود كمدير لمخازن الشركة العريقة ، والحق يقال :
في عهده لم يكن هناك مخازن بل مساحات منظمة تكاد من فرط تنظيمها تشعر أنها معارض أنيقة .
وكان مكتبه لا يقل جمالاً عن المخازن ، تغلب عليه المساحات الفارغة وتتوسطه طاولة أنيقة لا تحمل سوى كوباً واحداً يحتسي فيه الشاي وكتاباً واحداً يقرؤه .
الغريب أن كل من دخل مكتبه لم يرغب أبداً في المغادرة فتشعر وأنت تجلس أمامه أن نصف أكسجين المكان قد دخل لمكتبه ولم يخرج ، فتمتلئ رئتاك هواءً وتمتلئ روحك صفاءً كما ان الرجل كان بشوشاً ومرتباً وصافي الذهن ، يعلم ما عليه أن يفعله وما عليه ألا يفعله ، وكانت نصيحته لمن حوله ” لا تعش حياتك مدير مخازن ”
ثم كان يضحك قائلاً :
- لا أقصد مخازن الشركة ولكن أقصد مخازن الحياة .
لاتكتنز ما لا تريده الان عسى أن تحتاجه غداً ، فغالباً لن تحتاجه !
لا تحتفظ بعلاقتك مع من لا تحب ، فمن يعرف كيف يجذبك للوراء لن يعرف أبداً كيف يدفع بك للأمام، فلا تطلب المستحيل.
حتى أبسط الأشياء، أوراقك المنسية ،ملفات حاسوبك التي مر عليها سنوات ستتحول يوماً إلى بركة طين يغوص فيها ثلاثة ضحايا :
حاسوبك المثقل، وذهنك المشتت ، ووقتك الضائع.
فأنصت إلى صوت حاسوبك وأنت تنتقل بين آلاف الملفات لتتخير المكان الأنسب للملف الجديد، ستسمعه يئن !
- وانظر إلى الصور الملاحقة مع الأفكار وهي تتكون في ذهنك حول ما حدث وما يحدث أو ما سيحدث ، ستجد كاميرا تكاد تتعطل وتمتلئ الذاكرة بداخلها من كثرة الصور.
وأنظر إلى علاقتك بالآخرين بكل ما تحمله من كلمات ومعان وجدال ونقاش وآراء وخلافات ، ستجد روحاً منهكة ترجو منك هدنة.
فنصيحتي : رتب المخازن، وألق بالفوضى والكماليات بعيداً بطول ذراعيك ولا تكترث ، وانتبه ، وإلا ستعيش حياتك داخل مخازن تعج ” بكراكيب الحياة ” التي تقبع حولك في كل مكان وفي ذهنك وروحك.
ستنظر إليك طول الوقت وتُخرج لسانها لتغيظك وتذكرك بوجودها فتقاسمك هواءً كان الأولى أن يملأ رئتيك أنت ويشعرك بالحياة .
رحم الله السيد كاتب.
رحم الله مدير المخازن.
- ما الذي ينقصك كقائد لترتب حياتك وحياة فريقك ومنظمتك؟