القيادة بالفزعة هي: نمط قيادي ينبثق من الأزمات والمفاجآت غير المتوقعة عند القياديين، ويعتمد على الأسلوب الإنساني الصرف واحتساب الأجر في إنجاز المهام ومعالجة المشكلات الطارئة والأحداث المفاجئة ولا يرتبط بالتخطيط والاستراتيجيات القيادية والأهداف التي تعتمد عليها المنظمات الواعية في إدارة أعمالها، وهو في مجمله إيجابي إذا كان يؤدي للنفع العام وتجاوز المعوقات وإعطاء الحق لصاحبه، ويكون متسمًا بالتعاون والمشاركة وسرعة الإنجاز والمواجهة السريعة للأزمات سواء أكانت صغيرة أم كبيرة، مع الحذر من الفوضى في الأداء، أو إلحاق ضرر من الموظفين الذين لا يميلون لهذا النمط ويحبون العمل في ظل الأنظمة والقوانين.
ويبرز في موضوع القيادة بالفزعة المهارات الشخصية لقياديي ومنسوبي المنظمات على مختلف مراتبهم وقدراتهم الشخصية والعملية والعلمية، فالأغلب يشارك من باب النخوة والمساندة والوقوف في وجه المخاطر الطارئة، وهي وإن كانت من أساليب المشاركة والإنجاز وإظهار الولاء لكنها لا تلتزم بالإجراءات والأنظمة واللوائح والقواعد التنظيمية لهياكل المنظمات مما قد يؤدي إلى وجود أخطاء أو قصور أو اختلاف في أثناء التنفيذ؛ لأنها تعتمد على جهد ورأي بشري دون وجود أنظمة تسيره وتحميه.
والقيادة بالفزعة تفيد أحيانًا في إدارة بعض الموظفين أو فرق العمل التي تميل لعدم حب العمل بالأنظمة والقوانين وعدم الارتباط بأسلوب معين في الإنجاز، أو مع الموظفين الذين تغلب عليهم العمل بالعاطفة والاهتمام بالتأثير النفسي، فكلمة “الفزعة” تجد صداها لدى الموظفين وسرعة التجاوب إذا طلب منهم القائد الإنجاز والمشاركة وأظهر حاجته إليهم شخصيًّا، وكذلك حاجته لجهودهم وخبراتهم وقدراتهم الشخصية أو التقنية أو الفكرية، لكن هذا النمط ينبغي أن يكون عند الحاجة له بالضرورة، وألاّ يكون هو السائد في قيادة المنظمة، وألا تغرس هذه الثقافة لدى المنسوبين أو المستهدفين.
واستخدام نمط الفزعة في القيادة ينبغي أن يتم تكييفه ضمنالأنظمة واللوائح والقواعد التنظيمية دون تجاوزات أو سلب لحقوق الآخرين، فيصبح الموظف “الفازع” هو الأفضل وتكون له السمعة الحسنة والتقدير وتمييزه عن غيره في الترقيات والمكافآت، ويصبح غيره هو الأقل أداءً ويوصف بعدم الإنجاز وقلة التفاعل، كما أن الاعتماد في استخدامه بكثرة ضمن أداء الأعمال يؤثر سلبيًّا داخل المنظمة، فيتحوّل أسلوب القائد الوحيد أو الأساسي أو المشهور عند الموظفين والمستهدفين هو “الفزعة”، فيتم ركن الأنظمة والقواعد التنظيمية على الرف ويصبح العمل وقراراته تخضع للمزاجية والفردية من الجميع.
والشواهد على قيمة عملنا على القيادة بالفزعة لها أصولتنبع من مصادر ربانية ونبوية ومكارم عربية أصيلة، مثل قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاۤءَ مَدۡیَنَ وَجَدَ عَلَیۡهِ أُمَّةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ یَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَیۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِی حَتَّىٰ یُصۡدِرَ ٱلرِّعَاۤءُۖ وَأَبُونَا شَیۡخࣱ كَبِیرࣱ (٢٣) فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰۤ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّی لِمَاۤ أَنزَلۡتَ إِلَیَّ مِنۡ خَیۡرࣲ فَقِیرࣱ (٢٤)﴾ القصص.
وقصة المصطفى r في غزوة تبوك عندما قال للصحابة رضوان الله عليهم: “من جهز جيش العسرة فله الجنة” رواه البخاري، فوافق الصحابة رضوان الله عليهم على الوقوف معه في تجهيز الجيش كل حسب استطاعته.
وقال الشاعر أبو تمام حبيب الطائي -رحمه الله- في مدح المعتصم:
لَبَّيتَ صوتاً زِبَطرِيّاً هَرَقتَ لَهُ كَأسَ الكَرى وَرُضابَ الخُرَّدِ العُرُبِ
أَجَبتَهُ مُعلِناً بِالسَيفِ مُنصَلِتاً وَلَو أَجَبتَ بِغَيرِ السَيفِ لَم تُجِبِ
المستشار الإداري والتدريبي
أ/ حمد الدوسري
Twitter:@hmmdosari