لكل قيادي يبني وطنا ويصنع أثرا
أخر المقالات

القيـادة بالمناسبات والفعاليات

أ/ حمـد الدوسري ( المستشار الإداري والتدريبي )

0

تجارب قيادية

القيادة بالمناسبات والفعاليات

  القيادة بالمناسبات والفعاليات هي : نمط قيادي يهتم بتدريب وتعليم وتطوير وتمكين فئات متعدّدة من المجتمع على المهارات والاتجاهات الخاصة بإدارة المناسبات والفعاليات الوطنية قصيرة أو طويلة المدى، وهذه المهارات قد تكون ذاتية أو معرفية أو أدائية أو نفسية أو ثقافية أو اجتماعية وغيرها، ترتبط بنوع الفعالية المقاومة وقيمتها الوطنية والعالمية، والقدرة على استقبال وإدارة الوفود القادمة والمغادرة، وإدراك حجم الفرص الاقتصادية والثقافية والاجتماعية للجميع من الدولة والمواطنين والمقيمين.

  وتبرز قيم الاهتمام بهذا النمط من القيادة بعد النقلات النوعية والجبّارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين وولي عهد الأمين رئيس مجلس الوزراء-حفظهما الله- حتى تحقّق للمملكة العربية السعودية شرف تنظيم مناسبات متعددة منها: كأس العالم للأندية 2023، كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2024، مشروع تروجينا لرياضات المغامرة وأنشطة التزلج 2026، كأس آسيا لكرة القدم 2027، وإكسبو الرياض 2030، وكذلك منحها تنظيم نسخة2034  من كأس العالم، وغيرها من الفعاليات والمهرجانات والمعارض والمنتديات المحلية والعالمية، والتي تدعو كافة قطاعات الدولة من وزارات وهيئات حكومية وشبه حكومية وقطاع خاص بمختلف أطيافه إلى فهم المغزى الحقيقي من هذه المناسبات فهمًا عميقًا وأن ولاة أمرنا وضعوها ضمن أولوياتهم وبذلوا الغالي والنفيس لتحقيقها واقعًا فعليًّا، والوعي الفكري والعقلي لكل مسؤول، يقوم على العمل الفعليّ الجاد والتخطيط الواقعي للمشاركة فيها بتأثير قويّ وحضور مميّز وأداء عقلاني بعيدًا عن العواطف والمثاليات الشكلية والورقية فقط.

وأن تهتم هذه القطاعات كلّها دون استثناء اهتمامًا جذريًّا بتغيير وتطوير وتحديث أنظمتها وقوانينها وأساليب تعاملها وتواصلها الحضوري والإلكتروني والهاتفي مع ضيوفها من مواطنين ومقيمين وزوّار من الخارج قد يطول أو يقصر بهم المقام هنا، فلا يمكن أن ننجح في إقامة الفعاليات والمناسبات المختلفة ونحقق الأهداف الخفية والظاهرة التي تم التخطيط لها والأنظمة والقوانين قديمة لا تناسب هذه الأحداث، أو تكون أساليب الردّ والتواصل تخضع لرغبات شخصية أو نفسية أو مزاجية من المسؤول أو الموظف، أو مَنْ يجلسون خلف الأبواب وعلى الكراسي لا يتجاوبون مع المضطرين لمراجعتهم، أو الانطلاق من تعصب ديني أو مذهبي أو جغرافي أو ثقافي.

  وهذا التدريب والتمكين والتخطيط والتطوير ينبغي أن يشمل موظفي كل قطاع من أدناهم إلى أعلاهم دون الاستئثار به على فئات محددّة مقرّبة، أو الاهتمام بالجانب الإعلامي دون تحقيق واقع مؤثر وملموس، وأن ينطلق من خطة استراتيجية طويلة المدى تستهدف المساهمة الفعلية والفاعلة في هذه المناسبات، والمبادرة مبكرًا للمشاركة في هذه المناسبات الوطنية التي تستهدف العالم كلّه.

   واستعدادً لمثل هذه الأحداث الكبرى فقد وافق مجلس الوزراء في عام 2020م على تأسيس المركز الوطني للفعاليات ومقره مدينة الرياض الذي يهدف إلى تعزيز الفعاليات في المملكة، والارتقاء بالخدمات المقدمة في المجال، ودعم مواسم السعودية والتقويم الوطني والفعاليات الكبرى، بناءً على ما يصدر من أوامر وقرارات، وفقًا للتوجهات والرؤى التي تضعها لجنة الفعاليات، كما يتمتع المركز بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي والإداري، ويرتبط تنظيميًا بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.

  ومن المقترحات التي تطور تعامل الجميع مع هذه المناسبات تعلّم اللغات الأجنبية المشهورة عالميًّا، وتعلّم لغة الإشارة للفئات المستهدفة، وإنتاج صور وفيديوهات واضحة تشرح تراث وحضارة المملكة العربية السعودية بترجمات مختلفة، واستغلال وسائل التواصل الحديثة في نشر كل ما يعكس صورة حسنة عن مملكتنا والأدوار التي تقوم بها في خدمة المواطنين والمقيمين والزوار في الداخل والعرب والمسلمين وتطوير الحرمين الشريفين وغيرهما، من خلال تمكين أشخاص متميزين في هذا الجانب يمتلكون قدرًا من المسؤولية والوعي الكافي بما يؤدونه من أعمال، ونشر ثقافة مساهمة الجميع في هذه المناسبات كلّ حسب استطاعته وقدراته، وأن يتم تجهيز شعارات وملصقات وهدايا هذه المناسبات في وقت مبكر ويتم الترويج لها في كل الوسائل المختلفة.

  والشواهد على قيمة عملنا على القيادة بالمناسبات  واستقبال الوفود تنطلق من قواعد وقيم تنبع من مصادر ربانيّة ونبوية ومكارم عربية أصيلة.

  فقد كانت العرب في الجاهلية تهتم لهذه المناسبات اهتمامًا كبيرًا مثل: اجتماع الناس في الأسواق المشهورة في الجزيرة العربية وخاصة أيام الحج وما كانت تعدّه قريش من تجهيزات واستقبال لهذه الفعاليات بوفودها، وفي السيرة النبوية الشريفة تظهر لنا القيادة بالمناسبات قصص المصطفى e وأصحابه y عند استقبالهم للوفود بمختلف دياناتهم وتهيئة دور الضيافة لهم وتكليف من يقوم على خدمتهم وتوفير سبل الراحة لهم حتى عودتهم لديارهم. ومازال السعوديون إلى يومنا هذا يقدّرون من يحضرون مناسباتهم وفعالياتهم الرسمية والودّية، ويكرمونهم أيّما إكرام، ويحتفون بهم فترة وجودهم عندهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.