دردشة قيادية
التفكير النقدي/الناقد:
قائد من المريخ…
- قال لي صديق مستشار في مجال التطوير الإداري وهو يبتسم:
في كل مرة أستعد فيها لتقديم يوم تدريبي عن التفكير النقدي لقادة بعض الشركات أواجه الكثير من المفاهيم الخاطئة أو حتى الخلط بين هذا الموضوع ومواضيع أخرى، حتى صار اليوم التدريبي في هذا الموضوع بالذات تحديا كبيرا.
فهو يبدأ بالحديث عن التفكير النقدي ثم يتحول بقدرة القدير إلى حديث عن التفكير الإبداعي ولن يخلو الأمر أبدا من بعض الدعابة التي ما إن تفتح لها بابا حتى تغزو المكان ويصبح اليوم التدريبي أمسية فكاهية بعنوان:
“اضحك مع آينشتاين”
- استمعت لصديقي، ولم أعطه الكثير من النصائح. فقط ذكرته بقول آينشتاين نفسه:
” إن التفكير عملية صعبة، لذا لا يفضل الكثيرون القيام بها.”
ثم أعطيته تمرينا يفيده في شرحه. قلت له: اجعل الحضور يتخيلون أنهم على متن طائرة قادمة من المريخ للأرض لأول مرة، وأن الطائرة ستهبط على استاد لكرة القدم، واسألهم: ماذا سيفعلون؟
عاد صديقي المستشار بعد أسبوع ليقص لي كيف نجح في شرح الفكرة بوضوح وإن لم يخل الأمر من الضحك والدعابة رغم ذلك.
فما إن تخيل الحضور أنفسهم من الفضاء حتى أبدعوا في التفكير المنطقي المتسلسل، وجاءت الأسئلة ما بين التي تستعلم عن جذور الموضوع مثل: “ما هي كرة القدم؟ ولماذا يلعبها البشر؟”
إلى تلك التي تميز بين الحقائق ووجهات النظر كالذي سأله أحد المشاركين:
“كيف تعرف من هو الفريق الأفضل؟ أهناك وسيلة للقياس؟”
ثم صار يدقق أكثر عن المصدر فأتبع سؤاله:
“ومن وضع هذه القواعد؟ وعلى أي أساس؟ وكيف علم بأنها قواعد عادلة؟”
حتى وصلوا إلى تفنيد الوضع الراهن وكشف التضاد كسؤال طرحه أحد المشاركين قائلا:
إذا كانت كرة القدم تهدف إلى نشر الروح الرياضية، فلماذا يصاب من يشاهدها بالعصبية مع مشجعي الفريق أثناء مشاهدة المباريات؟
ثم السؤال الذي لم يتوقعه صديقي وهو تفكيرهم في حل استراتيجي بعيد المدى وليس إجابة آنية حين طرحوا هذا السؤال:
“ما الذي سيتغير في العالم إذا توقف الناس عن لعب كرة القدم؟”
ثم جاء دور صديقي الذي حاول أن يتحداهم فسأل:
“كيف لنا أن ننقل هذا الاستاد بما فيه إلى المريخ وطائرتنا لا يمكنها حمل شئ بهذا الحجم؟”
فجاءه الصوت من زواية بعيدة في قاعة التدريب قائلا: “سنرقم الكراسي ونفكها وننقلها على دفعات ثم نجمعها في المريخ”.
- أدرك صديقي وقتها أنه حتى يطالب أحدهم بتطبيق التفكير النقدي وفهمه يجب أن يقصيه عن أفكاره ووجهات نظره المسبقة والمشتتات من حوله.
وقتها سيفكر في الحقائق وينتقد المتضادات ويقسم المعضلة الكبيرة إلى أجزاء أصغر فيخرج بنتائج بعيدة المدى، أو بمعنى أصح سيفكر بعمق. سيفكر كقائد هبط لتوه من المريخ، وليس كشخص يعيش في وسط المشكلة.
وأنا أدركت أن صديقي لديه مشوار طويل لتدريب قيادات الحاضر والمستقبل على مهارات التفكير النقدي.
وأنت عزيزي القائد ماذا أدركت عن التفكير النقدي؟