لكل قيادي يبني وطنا ويصنع أثرا
أخر المقالات

القيـادة بالـجدارات

أ/ حمد الدوسري ( المستشار الإداري والتدريبي )

0

تجارب قيادية

القيادة بالجدارات

  • القيادة بالجدارات هي: نمط قيادي يركز على السمات السلوكية وامتلاك المؤهلات العلمية واكتساب خبرات ومواقف إدارية وحياتية  يمكن ملاحظتها وقياسها لدى القائد أو الموظفين وغرسها في منظمته في أغلبها أو بعضها، والتي تساهم في تعزيز الأداء في العمل للوصول للنجاح المؤسسي، فقد تكون تلك الجدارات ظاهرة فيسهل ملاحظتها وقياسها مباشرة، وهي ما تسمى الجدارات الشخصية، وقد تكون تلك الجدارات غير ظاهرة فهي كامنة في أعماق الشخصية، وهي ما تسمى الجدارات الذاتية، وتحتاج لمؤشرات تساعد على قياسها لاحقاً.

 

  •  الجدارات الشخصية تشمل (المعارفالمهارات) وهي الأسهل في الجدارات القيادية من حيث الاكتساب والتطوير، أما الجدارات الذاتية فتشمل (المفاهيم الذاتيةالصفاتالدوافع) وهي التي تكون صعبة الاكتساب والتطوير، وتحتاج لجهد أكبر ووقت أطول في امتلاكها، فالموظف الذي يمكن أن يوصف بأنه جدير في عمل ما هو ذلك الشخص الذي أتقن مجموعة الجدارات الشخصية والجدارات الذاتية بإتقان الأداء في هذا العمل والمنصب، لذلك يُستخدم مصطلح جدارة لوصف التميّز في الأداء.
  •  القائد المسؤول أو الموظف عليه أن يعي وعيًا كاملا بمستويات الجدارات الستة ومجموعاتها المهنية ومؤشراتها وهي: الإنجاز والتصرف وتتمثل في الاهتمام بالنظام وجودة العمل ودقة إنجازه والمبادرة والبحث عن المعلومات، المساعدة والخدمات الإنسانية وتتمثل في التوجه لخدمة المستفيدين من حيث رغباتهم وتفهم مشاعرهم، الأثر والتأثير وتتمثل في الإدراك التنظيمي وبناء العلاقات، الإدارية وتتمثل في العمل بروح الفريق وتطوير الآخرين، الذهنية وتتمثل في امتلاك الفكر التحليلي والإدراكي، الفعالية الشخصية وتتمثل في القدرة على التحكم بالذات ومواجهة الصعوبات والضغوطات في العمل والمرونة والولاء.    

   فعند بناء الجدارات الوظيفية إمّا نقوم ببناء الجدارات ثم تحديد مؤشرات سلوكية لكل مستوى وظيفي: الإدارة علياالادارة  الوسطىالتنفيذيين، أو نبني مؤشرات سلوكية واحدة لكل جدارة ثم نقوم بتوزيع هذه المؤشرات على الوظائف داخل المنظمة بناء على طبيعة الأوصاف الوظيفية لكل وظيفة، ويلزم كل جهة بأن تُعدّ دليلاً بالجدارات والمؤشرات التي ينبغي على القائد او الموظف إتقانها، وأن تُوكل مهمة إعدادها لأهل الخبرة والتجارب من المراكز أو المعاهد أو الجهات المختصة، ولا تتركها للآراء الشخصية والتقدير الذاتي حسب مزاجية المسؤول أو الموظف.

وتحديد الجدارات الوظيفية يساعد المنظمة على الأختيار  الصحيح في عمليات التوظيف، وقياس أداء الموظفين، وتقييم أداء الموظفين، وربط الخطة الأستراتيجية  للمنظمة بأهداف الموظفين، وتطوير الموظفين ،وتشجيع الموظفين على تولي مسؤولية تطوير أنفسهم بأنفسهم ، ورفع ولاء الموظفين  وانتمائهم، والتركيز على جدارات قابلة للقياس ومرتبطة بالأداء الفردي والمؤسسي ، وبناء شفافية في أنظمة التقييم في المنظمة، وتخطيط التعاقب الوظيفي، وإدارة المواهب الوظيفية.

  فالجدارات القيادية ترتبط بمنظومة متكاملة تبدأ بتحقيق  الأهداف والرؤية والرسالة والغايات والقيم للمنظمة، وإعداد دليل الموارد البشرية، والتوصيف الوظيفي للمهنة، والتصنيف الوظيفي، وتحديد القيم الوظيفية لكل وظيفة، وكتابة الجدارات ومؤشراتها لكل وظيفة، وتعيين المسؤول أو الموظف أو المسؤول المناسب في مكانه المناسب له، والشفافية في العمل والنقل والتوظيف والتحفيز والمكافأة والتعاقب الوظيفي.

  والشواهد على قيمة عملنا على القيادة بالجدارات تنطلق من قواعد وقيم تنبع من مصادر ربانيّة ونبوية ومكارم عربية أصيلة، مثل قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا (83)إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتيناه مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً(84) الكهف.

وقال المصطفى  “ إنَّه قدْ كانَ فِيما مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، وإنَّه إنْ كانَ في أُمَّتي هذِه منهمْ فإنَّه عُمَرُ بنُ الخَطَّابِرواه البخاري.

وقال الشاعر أبو فراس الحمدانيرحمه الله:

سَيَذكُرُني قَومي إِذا جَدَّ جِدُّهُم ..  وَفي اللَيلَةِ الظَلماءِ يُفتَقَدُ البَدرُ

فَإِن عِشتُ فَالطَعنُ الَّذي يَعرِفونَهُ .. وَتِلكَ القَنا وَالبيضُ وَالضُمَّرُ الشُقرُ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.