دردشة قيادية
شيخ الصيادين
كان هنالك صياد يملك شبكة لصيد السمك يخرج بها كل صباح ليستأجر مركبا أو يشارك صيادين آخرين في إيجار مركب كبير يسعهم جميعا.
ويظل يجتهد حتى يحصل على قوت يومه.
وفي يوم تعرف الصياد إلى زميل آخر على متن المركب وأثناء رحلة صيد طويلة جلس كلاهما ليرتاحا على ظهر المركب ويتجاذبا أطراف الحديث.
فرسم الصديق للصياد حلما يشبه في لمعانه خيوط الشمس المنسدلة أمامهم على صفحة المياه، وهو حلم امتلاك مركب خاص به.
فأعجبه الحلم وقرر أن يخوض التجربة.
فاشترى الصياد المركب واستعان بالزميل كشريك عمل، يساعده في تحويل الحلم إلى حقيقة.
وأقنع ثلاثة من الصيادين بالعمل معهم، وظلت الصداقة والشراكة تسيران متوازيتين في اتجاه الريح. ومن حلم إلى حلم تحول المركب إلى سفينة، وتحول الصيادون الثلاثة إلى مئات العاملين على متن هذه السفينة.
وأصبح مالك السفينة رجلا ثريا معروفا، والشريك الطموح تحسنت أحواله وسُمِعت ثم نُفِّذَت أقواله، فهو صاحب كلمة مسموعة بين الصيادين وعند المالك، فهو من يحلم ويرسم الطريق إلى بحور لم يخوضوها من قبل وجزر لم يسبقهم إليها سفن من قبل، وحين تهب الريح بما لا تشتهي سفينتهم يكون الشريك الطموح في المقدمة والكل يتبعه أينما ذهب لأن عقله يساوي وزنه من الذهب.
وتمر الأيام ويكسو بياض الحكمة رؤوس الحكماء، فيجلس مالك السفينة مع ابنه الشاب الطموح الغاضب دائما. فكيف يصلح وهو ابن صاحب السفينة ألا يطيع أوامره الصيادون.
فأدرك المالك الحكيم ما يختلج في صدر ابنه الشاب
- فقال له:
تركت لك إرثا كبيرا من المال، ارتبط بوجوده أرزاق أناس آخرين ولولا الله ثم هم لما كان هذا الإرث. فأحسن إليه وإليهم.
يا بني، لا ضير أن تكون أنت المالك، تحافظ على ما تركته لك.
وإياك أن تضيعه، لأنه من أجل أبنائك وأبناء الصيادين العاملين معك فهذه مسؤولية كبيرة.
وتذكر أنني عشت حياتي أملك هذه السفينه وأوزع على من عليها ما يخرج لنا من البحر، ولم أستطع يوما أن أحظى بنفس المكانة التي يحظى بها الشريك في قلوبهم، ولا ضير في ذلك، طالما تحققت المصالح.
تعلمت أن أترك له ما يملكه في قلوب الناس ولا أنازعه عليه.
ويترك لي هو إدارة ما أملكه من السفينة وما عليها فسرنا وسارت سفينتنا.
وهكذا كبر الإرث ووصل لك، وأنا سأترك لك هذا الإرث الآن فأنت المالك ولا ضير في ذلك وأنت المتصرف في ملكك ولا ضير في ذلك، أما هو فالقائد والموجه وصاحب الرؤية النافذة ولا ضير في ذلك.
فكل يعمل في مكانه وكل يرضى بقسمته، ولذلك رأيت السفينة أصبحت أسطولا.
بعدها بأيام قضى المالك نحبه. وعاش الشاب يذكر نفسه أن يلعب دوره في الإدارة ولا ضير في ذلك، وألا ينازع شريك الأب في القيادة ولا ضير في ذلك. وهكذا استمرت السفينة تبحر، وصنع مؤسسوها أسطولا يخوض بحورا لم يسبقها إليها أحد.