لكل قيادي يبني وطنا ويصنع أثرا
أخر المقالات

القيـادة باستشراف المستقبل

أ/ حمد الدوسري ( المستشار الإداري والتدريبي )

0

تجارب قيادية

القيادة باستشراف المستقبل

 

القيادة باستشراف المستقبل هي: التخطيط الاستباقي التشاركي بعيد المدى لاحتياجات الأفراد والمنظمات والمجتمعات والدول لبناء مستقبلها من خلال الجهات المستهدفة من هذا التخطيط، والتي تجمع بين التفكير الاستراتيجي والتخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل الاستراتيجي، القائم على فرق العمل من خلال منهج علمي منظّم.

  وحتى تكون القيادة باستشراف المستقبل ناجحة في خططها فهي تحتاج إلى: تحديد أهداف واقعية يمكن تحقيقها لهذا الاستشراف، وقاعدة بيانات عن الماضي والحاضر والمستقبل، تعتمد على الأساليب الكمية، والأساليب الكيفية، والاستعداد للتحديات المتنوّعة، وجود مهارات المرونة وتوقّع التغيير والتطوير،والتكيف مع المستجدات والطوارئ، والاستفادة من الخبرات التي سبق ومرّت بالخبراء أو المنظمات أو الدول، والتنقيب في البحوث والدراسات الحقيقية الداخلية والخارجية، الاعتماد على أداء فرق العمل وليس الجهد الفردي.

 ويستحسن في استشراف المستقبل أن تكون خططه وتنظيماته الإدارية والمالية والفنية والقانونية وغيرها بعيدة المدى بحيث تكون خمسية أو عشرية أو أكثر، والدراسات تشير إلى أنّ استشراف المستقبل لـ (25) سنة هو قمة التخطيط المستقبلي.

 والقيادة باستشراف المستقبل تمر بمراحل؛ لأنها طويلة المدى، وحسب أهدافها الموضوعة لها وهي:

1- المستقبل المحتمل وهو: الأمور أو الأحداث الإيجابية أو السلبية المستقبلية تعيق أو تدعم الخطط المستقبلية، وينبغي معالجتها والاستفادة منها للمراحل الأخرى، فهي غالبًا تمرّ وتزول سريعًا.
2- المستقبل الممكن وهو: الأمور أو الأحداث التي ممكن أن تحدث عند استمرار واتساع العمل وتطوره، فهي قد تغيّر اتجاه العمل، وتغيّر النظرة المستقبلية للمستهدفين، وتؤخر الوصول للمراحل اللاحقة.
3- المستقبل المفضّل وهو: الأمور أو الأحدث التي تم التخطيط للوصول لها وحدوثها في المستقبل، وليس من السهل الوصول مباشرة وسريعًا لما نرغبه ونفضله دون المرور بالمرحلتين السابقتين.

   وينبغي لفرق العمل التي تعمل على استشراف المستقبل أن تمتلك المهارات الخاصة والعامة لذلك، وأن تكون الشخصيات المشاركة متنوعة التخصصات العلمية والنظرية، وأن تحتوي على جميع المستويات التعليمية من الأعلى للأدنى أو العكس، وأن تتم إدارتها باحترافية متناهية دون سيطرة فريق أو شخصية على جهود أو آراء الأعضاء المشاركين.

 والشواهد في مصادرنا على قيمة عملنا على القيادة باستشراف المستقبل تنطلق من قواعد وقيم تنبع من مصادر ربانيّة ونبوية ومكارم عربية أصيلة.

  قال تعالى : (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)يوسف.  

  وفي السيرة النبوية الشريفة يظهر لنا استشراف المستقبل من المصطفى صلى الله عليه وسلم في قصص وأحداث كثيرة مثل: حفر الخندق، ومفاتيح اليمن، وانهيار إمبراطوريات الفرس والروم، والأحوال المادية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية للمسلمين من بعده، وغيرها.

 وفي ذلك يقول الشاعر أحمد شوقي -رحمه الله-:

فَلتَسمَعُنَّ بِكُلِّ أَرضٍ داعِياً      يَدعو إِلى الكَذّابِ أَو لِسَجاحِ

وَلتَشهَدُنَّ بِكُلِّ أَرضٍ فِتنَةً      فيها يُباعُ الدينُ بَيعَ سَماحِ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.