لكل قيادي يبني وطنا ويصنع أثرا
أخر المقالات

قيمة الوضوح ووضوح القيمة

أ/ محمد الجلمود الغامدي (مهتم بالمبادئ والقيم)

0

قيـادة وقيـم

قيمة الوضوح ووضوح القيمة

  • الأشياء تعرف باضدادها؛ فالوضوح ضده الغموض، والغموض يعني إخفاء الحقائق؛ فالغامض يكون مثار شك وريبة وعدم ثقة به من قبل الآخرين.
  • ولا شك أن الوضوح كقيمة؛ وضوحاً في المبادئ والقيم، وضوحاً في الأخلاق والتعاملات، وفي الأفكار والمشاعر.
  • نعلم يقيناً أن الشخص الواضح يسهل التعامل معه، وله قبول لدى الأغلبية من الناس بعكس الإنسان الغامض الذي يتحاشى الناس التعامل معه، وينفرون منه خشية تأويله للأقوال والأحاديث وتفسيرها وفق هواه وما تشتهيه نفسه؛ فالذين يلجأون إلى أسلوب الغموض هم في حقيقة الأمر يدلسون على الناس، ويتوهمون بأنهم أكثر عمقاً وتفكيراً من غيرهم .
  • القرآن الكريم كلام الله واضح بيّن لا لبس فيه وهو الهادي إلى سبيل السلام، والمُخرج من الظلمات إلى النور، قال تعالى: “قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ اللَهِ نُورٌ وَكِتَـابٌ مُّبِينٌ”، وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد اؤتي جوامع الكلم واضحة هي الأخرى لا لبس فيها ولا غموض، ولغتنا العربية لغة الإعجاز البياني لأنها لغة القرآن،؛فالقرآن الكريم والسنة النبوية واللغة العربية مترابطة ترابطاً وثيقاً، والعربية من أثرى لغات العالم، لذلك يجب أن يكون كلامنا وكتاباتنا امتداداً لذلك البيان والوضوح، وخاصة الكتابات التي تصل إلى الناس، يجب أن يحترم الكاتب لغته والقراء، وأن يكتب بلغة واضحة جلية لتصل أفكاره كما يريد.
  • المؤلف والكاتب والمتحدث عليهم أن يكونوا واضحين صريحين صادقين في كلامهم ومدلولاته؛ وألا يتركوا للناس مجالاً للشك والريبة والتساؤلات والوصول إلى تفسيرات خاطئة.
  • الوضوح باعتباره قيمة لا يعني ألا يكون للشخص أسرار يجب أن يحافظ عليها وخصوصية يقتضي الحال إبقائها طي الكتمان، وعلى المؤلف أو الكاتب والمتحدث أن يراعوا ألا يبلغ وضوحهم حد الجرأة المستقبحة، والتعدي على حقوق الناس، ومصادرة خصوصياتهم أو النيل من مكانتهم، وألا يبلغ بهم الغموض إلى حد أن يبتعد الناس عنهم، والكيس الفطن يكون وسطاً بين الوضوح المتزن الذي يرغّب الناس ويقربهم منه ويأنسون له ويطمئنون به ،وبين الغموض المنفّر الذي يسبب الابتعاد وعدم الارتياح.
  • يقول الراوي السوري حنا مينا: “حين تصير الأشياء في الضّوء، تستنير بأشعّة الشّمس، تتطهّر، أمّا عندما تظلّ في العتمة، فإنّها تتعفّن، وتنبعث منها رائحة كريهة “.

ويقول أحد الفلاسفة الغربيين: ” إن لم تستطع التعبير بوضوح فأنت لم تفهم”.

  • وهنا أوكد أن الوضوح كقيمة يستحق منا الوقوف طويلاً بحكم ضرورته الحياتية؛ فأغلب المشاكل بين أفراد المجتمع وبالأخص بين الأقارب والأرحام، وكذلك الأصدقاء والزملاء منشأها عدم الوضوح، لذا يجب التركيز عليه كقيمة عالية في علاقاتنا مع الله أولاً ثم مع أنفسنا ومع الأخرين.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.